قنا24 – تقرير خاص
تواصل القوات المسلحة الجنوبية حملاتها العسكرية ضد تنظيم القاعدة الإرهابي في محافظة أبين لاستكمال عملية “سهام الشرق” التي أطلقت قبل عام بهدف تخليص مناطق وسط أبين من آفة الإرهاب الدخيل على مجتمع الجنوب المدني المسالم الوسطي المعتدل.
انتصارات ساحقة متتالية حققتها القوات الجنوبية خلال فترة الماضية دفعت أخطر فروع تنظيم القاعدة في العالم، الفرع اليمني، إلى الاستنجاد بالقبائل ومحاولة استعطافها، وانتهاج حرب الاستنزاف الجبانة المرتكزة على الغدر والأفخاخ والعبوات الناسفة المفجرة عن بعد.
ومع ذلك، لم توقف هذه العمليات الغادرة القوات المسلحة الجنوبية، بل زادتها إصرارًا على استكمال ما بدأت فيه فليس هناك إلا النصر أو النصر فقط، فهذه حرب الكرامة وفي الكرامة ترخص الدماء والأرواح، ليؤكد شعب الجنوب مجددا على مبادئ التضحية والشجاعة التي صارت ماركة حصرية بقواته الباسلة في هذه الرقعة الاستراتيجية من العالم.
الإنجازات الكبيرة
استطاعت القوات الجنوبية خلال عام واحد تحقيق إنجازات أمنية هائلة في الحرب ضد تنظيم القاعدة الإرهابي، كان أبرزها إسقاط أهم وأكبر معسكر للإرهاب في البلاد بأسرها وهو معسكر وادي عومران الذي اتخذته الجماعات الإرهابية بمختلف صنوفها ورايتها منطلقا للهجوم وإسقاط مدن أبين خلال الفترات الماضية.
كان إسقاط معسكر القاعدة في وادي عومران هو درة تاج الانتصارات الأمنية العسكرية الجنوبية في أبين، رافقه تجفيف منابع الإرهاب في وادي الخيالة بمديرية المحفد ومناطق متنوعة من مديريات لودر والوضيع، وصولاً إلى وادي جنن الحدودي بين أبين والبيضاء اليوم، ووادي رفض بين أبين وشبوة أيضًا، وهي مناطق تمتد فيها سلاسل جبلية تُعد الملاذات الأخيرة للإرهاب.
أطاحت القوات الجنوبية بأمراء القاعدة، فمن لم يهلك بنيرانها صاده جنودها في الشعاب والوديان والأوكار وحملوه على متن مدرعاتهم وآلياتهم لينال الجزاء العادل بما كسبت يداه الآثمتان. كما حصدت القوات الجنوبية العشرات من عناصر الصفوف المتوسطة والصغيرة خلال المداهمات، متسببة بأزمة عنصر بشري غير مسبوقة في صفوف القاعدة.
خلال هذه الحملات العسكرية، تعرفت القوات الجنوبية على تكتيكات الإرهاب وأساليبه فاكتسبت خبرة عالية لا تقدر بثمن ومؤهلة لتكون نواة بناء لأفضل وأشجع أجهزة مكافحة الإرهاب في المنطقة، حيث ينقصها الدعم والتمويل فقط. كما أنها اليوم باتت قادرة على خوض المعركة ضد بقية فلول القاعدة في وادي حضرموت وكل مناطق الجنوب.
ولم تكن الانتصارات في محافظة شبوة أقل أهمية على الإطلاق، حيث ضيقت القوات الجنوبية الخناق على الإرهابيين في جبال الكور وباتت لها اليد الطولى في المصينعة ومديرية الصعيد التي رزحت لعقود تحت وطأة الانتشار الإرهابي الكثيف الممول من أطراف محلية وإقليمية.
الأنفاس الأخيرة
ليس أدل على ضعف تنظيم القاعدة الشديد ومروره بمرحلة الانهيار اليوم من الخطابات المتكررة لقائده خالد باطرفي خلال الفترة الماضية منذ انطلاق عملية سهام الشرق. عكست الخطابات المهزوزة حالة ضعف وتخبط غير مسبوقين يعيشها تنظيم القاعدة الإرهابي في الجنوب، كيف لا وقد قتم اقتلاع جذوره في مناطق أفنى فيها السنين لتثبيت وجوده.
يناشد باطرفي القبائل ويستعطفها عبر الشعارات الدينية والطائفية والسياسية الكاذبة، لكنه لم يجد القبائل ورجالها إلا في الصفوف الأولى لعملية سهام الشرق في أبين فما ارتكبته جماعة أنصار الشريعة ضد أبناء أبين خلال السنوات رسخ في الذاكرة الجمعية لأبناء هذه المحافظة وحشية التنظيم ودمويته وانحرافه والحاجة إلى التخلص منه واستئصال شأفته حتى باتت هذه القناعة فطرة يولد ويجبل عليها كل أبيني.
ولأنَّ قبائل أبين البطلة لم تقبل أن تكون أداة لهذا التنظيم الاستخباراتي التخريبي في أرضها، ولم تنخدع بشعاراته التي يكذبها الواقع، لجأ تنظيم القاعدة الإرهابي لتصفية الرموز القبلية وقد بدأ هذا المخطط باغتيال الشيخ محمد كريد الجعدني شيخ قبيلة الجعادنة الذي استشهد إلى جانب العميد عبد اللطيف السيد في العملية الإرهابية الغادرة أمس الخميس.
كان تنظيم القاعدة يعلم بحسب مصادر لموقع “قنا24” بوجود الشيخ الجعدني ضمن الموكب، فاختار أن يقتله انتقاما من مواقف قبائل أبين الشريفة في محاولة للترهيب والتخويف. يلفظ تنظيم القاعدة أنفاسه الأخيرة اليوم في الجنوب، وما النصر إلا سويعات صبر وجلد حتى تتنفس أبين وشبوة الصعداء تماما ومعهما الجنوب كله.
العمليات الراهنة
أكدت مصادر أمنية وعسكرية في محافظة أبين لموقع قنا24 أن القوات الجنوبية باتت اليوم على مشارف وادي رفض بين شبوة وأبين، كما أنها تحاصر عناصر القاعدة في وادي جنن بمديرية مودية بين أبين والبيضاء الخاضعة لمليشيا الحوثيين.
هذا التقدم الأمني المتسارع دق ناقوس الخطر الأخير في صفوف القاعدة الإرهابية، لأن استكمال تأمين هذه المناطق الهامة يعني في المحصلة قطع خطوط تواصل وتسلل العناصر الانفرادية وخلايا الإغارات الغادرة في مودية والمناطق الوسطى، وقطع إمدادات العبوات الناسفة التي تسببت بخسائر موجعة في صفوف القوات المسلحة الجنوبية.
هذا يعني في النهاية أن معدل العمليات الإرهابية ضد القوات الجنوبية سينخفض بشكل كبير جدا خلال الأيام القادمة، وأن الخلايا الإرهابية سوف تتساقط تباعا كما تتساقط الفراشات باللهب، وستعلن القوات الجنوبية حينها بزوغ فجر جديد وميلاد الأمن والاستقرار غير المنقوصين في أبين الجريحة المكلومة وشبوة الصابرة الصامدة، ومعهما سوف يستبشر الجنوب كله.
لا شك أن خسارة القيادات الجنوبية تؤلم الجنوبيين، لكن هذا الشعب أثبت خلال المراحل السابقة إنه شعب معطاء سخي يجود بالدم ولا يبالي، كيف لا وقد قدم أكثر من 50 ألف شهيد في 2015 وحدها وتصدى بأسلحة خفيفة لدبابات ومدافع صنعاء وجحافلها الهمجية التتارية.
إذن فاستبشر بالنصر يا شعب الجنوب الأبي، فأرضك التي سقتها الدماء الزكية الطاهرة سوف تنبت عناقيد الكرامة وتجني منها ثمار النصر فيرتاح الشهداء في قبورهم وتهون على الجرحى جراهم، وتجف دموع الأرامل والثكالى فليس يهدأ من روعها غير النصر الوطني المؤزر الذي يصون التضحيات ودماء الشهداء ويجعل منها وقود لشعلة الوطن التي لا تنطفئ.