قنا24 | تقرير خاص – ميرفت الربيعي
تمر البلد بأزمة اقتصادية خانقة، كان لها تأثيرها على بعض العادات والتقاليد خلال شهر رمضان، إلا أن البعض منها لا زالت عصية على النسيان.
ظهرت في كثير من المدن وحتى القرى في جنوب اليمن مظاهر الفرح لهذا الضيف الذي حل وسط أزمة خانقة إلا أن الابتهاج به ظهر جلياً في حسن الاستقبال، فالزينة التي علقت في الشوارع والحارات، وعادات الاستقبال والتوديع، ورسم النقش على كفوف الصغيرات، وتلك التكبيرات التي صدحت بها المآذن والفعاليات الرياضية، والثقافية، والدينية شكلت مزيجاً ثقافياً ذو نكهة خاصة.
يقول الصحفي رعد الريمي لـ “قنا24″ على الرغم من التحديات التي تواجهها عدن كعاصمة، أضف إلى ذلك الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلد احتفظت عدن بروحانيتها وتقاليدها الخاصة التي تعكس ثقافتها وتاريخها العريق خلال الشهر الفضيل”.
غير أن الأزمة الاقتصادية غيبت بعض العادات، وروحانية الشهر مثل تبادل الأطباق الرمضانية يستذكر الكاتب والروائي ياسر عبدالباقي أحد ابناء عدن “قديماً كان هناك” البرتن الدوار” وهو وعاء معدني يتكون من عدة طبقات يستخدم لحفظ وتحضير الطعام ويحمله الصغار إلى الأقارب وأصدقاء العائلة في الشوارع الأخرى”.
مبادرات خيرية.
وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية ظهرت العديد من المبادرات الخيرية التي جسدت قيم العطاء للتخفيف من الوضع المعيشي القاسي الذي تعيشه الأسر، في ظل الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد.
يقول الاستاذ هشام الصياد _ أحد ابناء الشيخ عثمان بعدن لـ “قنا24” لدينا مبادرة لإفطار الصائم منذ ستة أعوام توالياً بدعم من شباب الحي وتستهدف العديد من الأسر المتعففة في مديريات المحافظة، والمستشفيات، ودور الرعاية، بمعدل 80 وجبة يومياً “.
وفي محافظة لحج قدم متطوعون مجتمعيون وجبات مجانية ( مطعم مجاني) طيلة شهر رمضان على طريق بديل( القبيطة)، شمال محافظة لحج (جنوب اليمن)، للموسم الرمضاني السادس تواليا، شمل المسافربن على الطريق والمساجد، علاوة على توزبع الوجبات السريعة للمارة والمهاجرين الأفارقة”بحسب علي منتصر القباطي المدير التنفيذي للمبادرة.
ليالي رمضان.
بين الروحانية والاجتماعية يقضي الناس لياليهم الرمضانية والتي لا تخلو من الذكر وقراءة القرآن.
وبعد صلاة التراويح يجتمع الرجال في المقاهي للعب الدمنة والشطرنج والورق وغيرها من ألعاب التسلية، وكان هناك العديد من الفعاليات بمجالات مختلفة.
يقول الصحفي رعد الريمي ” شهدت ليالي العاصمة عدن العديد من الفعاليات الدينية، والثقافية، والرياضية، حيث تم تقديم الإفطار للصائمين مجانًا من قبل المبادرات الخيرية، والإفطار الجماعي، وشهدت العديد من الفعاليات الاجتماعية، والدينية، الرياضية والدوري الرياضي”
وبالمثل تنوعت ليالي لحج بالفعاليات الاجتماعية والرياضية وكان هناك العديد من الأنشطة الرياضية التي شهدتها المحافظة والدوري الرياضي الشعبي، وكذلك دوري لأندية القرى” بحسب فادي بجاش .
من جانبه تقول ميسون الدعرهي لـ “قنا24” في سقطرى توقد النيران في المساء بإحدى المنازل، لتجتمع النساء فيه للسهر وتبادل القصص والأحاديث، بينما يمارس الأطفال لعبتهم المفضلة الأجاشل (لعبة تلعب بواسطة الأحجار)، ولعبة الطيبانات بلهجة أهل سقطرى (لعبة تلعب بالعيدان)، ويمارسها الرجال وقت العصر إلى جانب الألعاب الشعبية المختلفة”.
وتجلت الطقوس الروحانية في حضرموت إلى جانب الاجتماعية المتمثلة بالتجمعات بعد صلاة التراويح عند الجيران والأهل، والختايم التي كانت عيداً خاصاً للأطفال ” بحسب الدكتورة دعاء باوزير المدير العام لاذاعة المكلا.
في ذات السياق يقول الاستاذ محمود المداوي_ مهتم بالتراث لـ “قنا24” “حبة الكشري”، أو “عليلوه” أو “وااا عيدوه”، وهو اليوم الذي يسبق العيد ويخرج فيه الأطفال يطوفون في الأزقة والحارات ويطرقون الأبواب حاملين “جعاب”، أو أكياسًا لجمع الحلويات والألعاب، والهدايا من المنازل، في وقت الظهيرة إلى منتصف غروب الشمس”
ويتابع المداوي “الأهازيج التي يتم ترديدها هي”وا عيدوه والعيد باكر، وا عيدوه عيد العساكر، اندونا اندونا لأنتو تبونا” أو “يا حبة الكشري هالله هالله، لا تنجحي قبلي هالله هالله، اندونا لأنتو تبونا، ويا حبة الكشري هالله هالله”، وذلك بعد وضع نقشة الحناء على كفوف الفتيات الصغيرات، ولبس الملابس الشعبية الزاهية الألوان، والضفائر مزينة بالشرائط البيضاء والخضراء والحمراء”.
وداع رمضان
يقول خالد وليد مسحراتي بحضرموت لـ “قنا24” في نهاية رمضان نقوم بعمل وداع ورثاء لحال الشهر المكتمل، حيث نطوف الساحات والشوارع من بعد منتصف الليل ويدق على الطبل (الهاير ) باليد وليس بالعود، ونتغنى بالكلمات، وهناك كلمات خاصة بالتوديع تختلف عن الاستقبال وهي ياسليمان عاد الله يرد العوايد، عادها تنجلي عنك الهموم والشدائد، بالمسرة تقع أيام سرنا ياسعد، بالرجال لي زانت في صفوف المساجد”
ويتابع” من التقاليد المتوارثة لوداع رمضان هي عادة وريقة، حيث يجوب الأطفال شوارع الحارات، يتقدمهم المسحراتي وهو يضرب على الهاجر وينشد ويردد الأطفال بعده الأهازيج الشعبية التوديعية لرمضان، ويتنقلون من بيت إلى آخر لاستلام ما يجود به الناس عليه تكريماً لجهده طوال شهر رمضان المبارك من نقود أو شعير، وتوزيع الحلويات على الأطفال”
وعن الأهازيج التي يتم ترديدها في الوريقة “وريقة حيّا حييتي، وريقة منين جيتي، وريقهْ من الضيقهْ، “ذا دار من يا محلاه الله يسلم مولاه”، “باصالح عطوه سجادة باصالح بغوه يصلي، باصالح عطوه البر باصالح بغوه يكبر، باصالح عطوه الذرهْ، باصالح يوم ود مرهْ، وغيرها من الأهازيج التي تدخل الفرح والبهجة في أزقة الحارات وشوارعها”.
أما في عدن فقد أحيت فرقة ابو موسى الأشعري رضي الله عنه حفلات توديع لرمضان تمثلت بالأناشيد والموشحات الدينية والابتهالات وألوان متنوعة من الفن مثل” ودعوا يا صائمينا ومودع مودع يا رمضان.. وموشح يا رب يا عالم الحال، وجميعها تؤدى بعد أذان العشاء في مساجد المدينة القديمة حتى يحين وقت صلاة العشاء، أو الفعاليات” بحسب اصيل الكهالي عضو في الفرقة.
على الرغم من الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلد، والوضع المعيشي الصعب، إلا أن الابتهاج بهذه المناسبة الدينية، وممارسة الشعائر والطقوس الدينية، بات من الأمور التي يحافظ عليها المجتمع وإن تلاشت أيامه الخيرية.