بشكل عام، فإن التوصل إلى اتفاق هدنة لإيقاف الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين – حتى وإن كانت مؤقتة – يعتبر شيء ايجابي، لكونه سوف يوقف جرائم الإبادة التي ترتكب ضد المدنيين في قطاع غزة، وسوف يسهم في التخفيف من حدة الوضع الإنساني في القطاع، هذا على المستوى الداخلي والإقليمي، وهي خطوة قد تدفع نحو توقف شامل للحرب الراهنة.
أما على المستوى الدولي فأن النجاح في التوصل إلى هدنة بجهود إقليمية ودولية، في ظل الدعوات الدولية – سيما الشرقية بقيادة روسيا والصين – لوقف فوري لإطلاق النار والتي كان آخرها بيان قمة مجموعة البريكس، فيه مؤشر على وجود تفاهمات أولية – مع الغرب المهيمن عالميا – بشأن الاتفاق على المصالح الإقليمية والدولية (الاقتصادية والسياسية)، والتي يرجح أن الصراع عليها له ارتباط بتصعيد الحرب في غزة، ما قد يمهد لدفع هذه القوى نحو إيقاف الحرب الراهنة بشكل نهائي.
نأتي إلى الجانب الفلسطيني الذي يعتبر هذا الاتفاق بالنسبة له – إذا ما أستمر وصولاً لإيقاف كامل للحرب – إيجابي ويصب في مصلحته مستقبلاً في مواجهة المحتل، وسوف يتعزز هذا الموقف بتوحيد جهود القوى الفلسطينية وانهاء الانقسام الحاصل، حتى وإن كان بالحد الأدنى في بداية الأمر.
الطرف الإسرائيلي يتوقع أن يكون التزامه بالاتفاق مؤقتا، فهو يهدف من خلاله لسحب ورقة الأسرى من يد المقاومة الفلسطينية، ومن ثم يعاود سلوكه العدواني، لكون قضية الأسرى تشكل ضغطا داخليا عليه، وما حدث له في 7 أكتوبر كان هزة كبيرة وفشلا عراه أمام العالم، وأظهر أن أمريكا لن تحميه، وفيما يخص احتمالات أو سيناريوهات تصعيد الاحتلال بعد سحبه لملف الأسرى، قد تكون عسكرية سيما وقد أعلن أن هدفه تدمير حماس، والإحتمال الثاني هو التمادى في الاستيطان وتوسعه في المناطق التي دمرها شمال قطاع غزة، أو بتوسيع المنطقة العازلة بينه وغزة، والاحتمال الثالث، ما سبق ونادى به مع أمريكا بشأن ملف إدارة الأوضاع في غزة، وتسليمها لغير حماس.
وبين هذا وذاك فإن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي وفي ظل التمادي من الاحتلال ودعم الغرب له، ومخططاتهم في الشرق الأوسط ومنها مشروع (إسرائيل الكبرى) قد يشكل عائقا أمام أي حل دائم في الشرق الأوسط، من خلال مشروع حل الدولتين على حدود 67، خاصة في ظل تفرد القطب الواحد الغربي بزعامة أمريكا، وهيمنته على العالم إقتصاديا ونفوذه سياسياً ، الا إذا كان هناك تحولا دولياً نحو صعود قطب اقتصادي منافس من قبل مجموعة “البريكس”، حينها قد يحدث توازنا وسيرا نحو حل دائم في الشرق الأوسط، ومناطق النزاع الأخرى.