قنا24 | مرفت الربيعي
في إحدى قرى المفلحي في يافع بمحافظة لحج وحيث تنساب نسمات الهواء العليلة لتعانق احاسيسه وتدفق بوابل من الإبداع يجعلك تذهل من جمال صنيعه، يقضي سعيد علوي بن قادش (أبو شامة) في العقد السابع من العمر جل وقته في غرفته التي تحولت إلى تحفة جميلة تحوي العديد من المجسمات لتبهج الناظر اليها للوهلة الأولى.
وبين الشعر والرسم تهيم موهبة ” أبو شامة ” مثلما يطلق عليه، حيث يعكف على إنجاز بعض أعماله التي تستغرق شهور والبعض منها أياماً قليلة، سيما وأنها تتنوع بين الخط لبعض الأيات القرآنية والنحت على الخشب وتارة أخرى الرسم وكتابة الشعر.
يصف ابو شامة العمل في صنع المجسمات ” يتم رسم نماذج للمنازل، و المساجد،والصناديق على الورق وتخطيطها، واحضار أعواد غصون الأشجار أو علف الأغنام( القصب ) وتارة الكراتين و رصها وإلصاقها بالشمع لتتشكل المجسمات وتأخذ قالباً جديداً ويتم وضع الزينة عليها”.
ويتابع” بينما يقتصر عمل المزهريات باستخدام نوع خاص من القماش، وتُزين بعد ذلك بأشكال مختلفة، بعد لف بعضها بشرائط أو لواصق والبعض بعمل حلي صغيرة (تفصيص) “.
وفي زاوية خاصة من تلك الغرفة تعتلي جدرانها رسوماتاً لبعض المساجد والحرم المكي لتأخذ حيزاً كبيراً من الجمال والإبداع لمسن سبعيني كان لسحر الطبيعة وجمالها الخلاب دوراً كبيراً في تشكل موهبته الفذة، لتضفي رونقاً خاصاً على ألوان تلك اللوحات.
يذهب أبو شامة إلى السوق في أياماً مخصصة لجلب بعض الأشياء التي تستخدم للزينة بعد التصنيع والتي غالباً ما تكون عبارة عن حلي صغيرة يتم الصاقها بواسطة المسدس الشمعي، فعادةً ما يقوم بوضع هذه الزينة على الجنابي والسكاكين والمجسمات لتكتسي بحلة بهية .
وجد أبو شامة في هذه الأعمال متنفساً لمواهبه من جهة ومن جهة أخرى قضاء أوقاتاً تجلب النفع والفائدة وبعيدة عن مجالس مضغ القات، فمنذ عودته من المهجر (المملكة العربية السعودية) منذ سنوات قليلة وهو يعكف في غرفته وينشغل بعمل هذه المجسمات” _ حد تعبيره.
كتابة الشعر.
لم تقتصر موهبة ابو شامة في صناعة المجسمات فحسب بل شملت كتابة الشعر الشعبي والمشاركة في المحافل الشعرية.
يحكي ابو شامة ” هناك أوقاتاً أقضيها في كتابة الشعر الشعبي والذي مضمونه تعزيز القيم النبيلة، و التشجيع لزراعة البن والابتعاد عن مضغ القات، ولي مشاركات في بعض المحافل الشعرية، وبعض قصائدي تغنى بها الفنان علي صالح اليافعي”
في ذات السياق يقول الفنان علي صالح اليافعي ” تنوعت قصائد الشاعر ابو شامة بين الفراق والغزل وهناك عدد من القصائد التي تغنيت بها منها ياذي الحمام البيض يامحلاش، وأيضاً صدفة لقيتك حظ لا واعد ولا موعود، ودعت أهلي والوطن لما بكيت “.
ويقول في إحدى قصائده التي يدعو فيها إلى ترك القات:
حذر ثم الحذر أحسن وصية
نحذركم ومن يسمع وصية
وذي ما يسمعه نفسي برية
تركت القات أنا مرتاح بالي
ويا محلا السمر ليلة رضية
وطعم القوت والمشروب حالي
ولذ النوم والعيشة هنية
وبحسب الأستاذ علي البشيري أحد زائري المتحف ” يحوي متحف أبو شامة الكثير من المجسمات للمنازل والمساجد، والرسومات، والمزهريات وبعض العملات القديمة فهو يقضي جل وقته في غرفته لا نكاد نراه إلا في أوقات معينة ونتفاجأ بعمل جديد على الرغم من كبر سنه إلا أنه يمتلك مواهب عديدة “
صعوبات جمة تواجه ابو شامة تتمثل في ارتفاع سعر أغراض الزينة، وعلى الرغم من ذلك يرفض بيع مقتنياته للاستفادة من سعرها، فهو يتمتع بالنظر إليها، ويرفض اقتناءها من قبل الآخرين.
كما يحرص على نظافة متحفه الذي يرتاده الزائرين من اقرباءه ومحبيه فقط، ويذأب لعمل أشكالاً مختلفة، وعلى الرغم من كبر سنه إلا أن الحيوية تتشكل في نظارة اشياءه فهو يصنعها بحب، ليكحل جمالها عينيه.
مرفت الربيعي