(قنا24 – بي بي سي)
فها هي أوروبا ترزح تحت وطأة موجة حر منحها الإيطاليون لقب “أسبوع من الجحيم”. كما أن درجات الحرارة في الصين والولايات المتحدة ارتفعت إلى أكثر من 50 درجة مئوية، وشرعت المستشفيات الأمريكية في تعبئة الأكياس التي توضع بها الجثث بقطع الثلج لاستخدامها في ترطيب المرضى. كما كان شهر يونيو/حزيران الماضي الأعلى حرارة في تاريخ المملكة المتحدة.
وفي عام 2022، سجلت المملكة المتحدة درجات حرارة تزيد عن 40 درجة مئوية للمرة الأولى. وتسببت موجة الحر العام الماضي في وفاة أكثر من 60 ألف شخص عبر مختلف أنحاء أوروبا.
لا عجب إذن أن الأمم المتحدة نبهت إلى أننا نعيش حاليا في حقبة من “الغليان العالمي”.
فما الذي يعنيه تغير المناخ لأجسامنا وصحتنا؟
عادة ما أتصبب عرقا وأشعر بالإعياء في الأجواء الحارة، ولكنني دُعيت للمشاركة في تجربة لقياس آثار موجات الحر.
يريد البروفيسور داميان بايلي من جامعة ساوث ويلز أن يضعني في ظروف تشبه تلك التي تحدث أثناء التعرض لموجة حر. لذا سوف نبدأ بدرجة حرارة 21 درجة مئوية، ثم نرفعها إلى 35، وأخيرا إلى 40.3 درجة مئوية – وهو ما يحاكي أعلى درجة حرارة مسجلة في المملكة المتحدة.
حذرني البروفيسور بايلي قائلا: “سوف تتعرق، وسوف تتأثر وظائف أعضائك بشكل كبير”.
يصطحبني البروفيسور بايلي إلى غرفة تحكم بيئية. إنها جهاز علمي بحجم غرفة يستطيع التحكم بدقة في درجات الحرارة والرطوبة ومستويات الأكسجين داخل ذلك المكان محكم الإغلاق.
لقد دخلت هنا في السابق لاكتشاف آثار البرد على الجسم.
لكن الحوائط الصلبة اللامعة والباب الثقيل وفتحات الإضاءة الصغيرة للغاية تبدو مختلفة لي بينما أترقب رفع درجة الحرارة.
أشعر وكأنني أنظر إلى الخارج من داخل فرن.
نبدأ بدرجة حرارة لطيفة هي 21 درجة مئوية، ويصدر البروفيسور بايلي تعليماته بـ “خلع كافة ملابسي”.
وعندما أبدي دهشتي، يؤكد لي بايلي أن الهدف هو قياس كمية العرق التي ستخرج من جسمي من خلال قياس التغير الذي سيطرأ على وزني.
بعد ذلك يتم توصيلي بعدد كبير للغاية من المعدات لقياس درجة حرارة جلدي وأعضائي الداخلية ومعدل نبضات قلبي وضغط دمي. كما يقوم جهاز ضخم يتصل بفمي بتحليل سريان الدم إلى دماغي عبر الشريانين السباتيين في الرقبة.
يخبرني البروفيسور بايلي: “ضغط الدم جيد، وكذلك معدل ضربات القلب، كافة الإشارات الفسيولوجية حاليا تخبرنا بأنك في وضع صحي ممتاز”.
يتعين عليّ إجراء اختبار سريع للدماغ – يجب أن أتذكر قائمة مكونة من 30 كلمة، ثم تبدأ درجة الحرارة في الارتفاع.
أمام جسدي هدف واحد بسيط، ألا وهو الإبقاء على درجة الحرارة حول قلبي ورئتيّ وكبدي وغيرها من الأعضاء عند مستوى حوالي 37 درجة مئوية.
يقول البروفيسور بايلي: “منظم حرارة الدماغ، أو ما يعرف بالهايبوثالاموس، يقوم باستمرار باستشعار الحرارة، ثم يرسل كل تلك الإشارات لمواصلة ذلك”.
نتوقف بشكل مؤقت عندما تصل الحرارة إلى 35 درجة مئوية لأخذ بعض القياسات. الجو حار في الغرفة، ولكنه ليس مزعجا –أجلس مرتاحا في مقعدي، ولكنني لن أرغب في أن أعمل أو أمارس تمرينات رياضية في جو كهذا.
بعض التغييرات باتت بالفعل واضحة في جسمي. فبشرتي تبدو أكثر احمرارا، وكذلك الحال بالنسبة للبروفيسور بايلي الحبيس معي في الغرفة – هذا لأن الأوعية الدموية بالقرب من سطح جلدي أخذت تتوسع لتسهيل فقدان الدم الدافئ في الهواء.
كما أنني أتعرق – ليس إلى حد التصبب – ولكن العرق يجعل جلدي يلمع بكل تأكيد، وبينما يتبخر العرق، يؤدي إلى ترطيبي.
تُرفع درجة الحرارة بعد ذلك إلى 40.3 درجة مئوية، وعندها أشعر بأن الحر يطرق جسمي بمطرقة.
يقول البروفيسور بايلي: “التغير ليس منتظما، بل متسارعا. إضافة خمس درجات مئوية قد لا يبدو شيئا كبيرا، ولكنه يشكل تحديا أكبر بكثير على الوظائف الفسيولوجية”.
سعيد لأننا لن نرفع درجة الحرارة إلى أعلى من ذلك. عندما أمسح حاجبي بيدي، أجده مبللا. حان الوقت لتكرار الاختبارات.