تشهد الساحة الوطنية تحركات جديدة من قِبَل الأحزاب والقوى السياسية اليمنية الشمالية التي تحاول، من العاصمة عدن، إعادة إنتاج نفسها سياسيًا من خلال تأسيس تكتل جديد تحت مسمى “تكتل أحزاب اليمن”. إلا أن هذا التحرك، حسب المراقبين، لا يعدو كونه محاولة لإحياء أحزاب فقدت شعبيتها، وتخلت عن واجبها الوطني تجاه المحافظات الشمالية التي تقع اليوم تحت سيطرة مليشيات الحوثي.
تكتل جديد بأحزاب فاقدة للشعبية
معظم الأحزاب والقوى المشاركة في هذا التكتل الجديد فقدت تأثيرها السياسي بعد أن تخلت عن محافظاتها الشمالية وتركت الشعب اليمني يواجه مصيره. فبينما يُعاني المواطنون من سيطرة الحوثيين، تتواجد قيادات تلك الأحزاب في الخارج، دون أن تقدم أي دعم حقيقي على أرض الواقع. يُشير مراقبون إلى أن تأسيس التكتل الجديد ليس إلا محاولة لتأمين موقع سياسي مع توقف الحرب وبدء عملية سياسية شاملة، وليس من أجل السعي لحل حقيقي للأزمة.
تمويلات خارجية وفساد سياسي
بعض منظمات الدعم الدولي، مثل المعهد الديمقراطي الأمريكي والوكالة الأمريكية للتنمية، توفر التمويل لهذه الاجتماعات السياسية، ما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الجهود، خاصة أن تلك المنظمات لا تعكس الواقع اليمني بشكل دقيق. ويُنظر إلى التمويلات الخارجية على أنها مجرد وسيلة لإنفاق الموازنات السنوية، دون أن تؤدي إلى تحسين الوضع المعيشي أو السياسي في اليمن. وهذا يزيد من انعدام الثقة لدى الشعب الذي يواجه معاناة يومية في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية.
تكتلات لا تعني شيئًا للشعب
يرى العديد من اليمنيين أن هذه التحركات السياسية لا تخدم الشعب بقدر ما تخدم مصالح الأحزاب ذاتها، حيث يتم استغلال شعارات سياسية بدون أي خطط فعلية للتغيير. وبحسب بعض المحللين، فإن هذه التحركات قد تساهم في إطالة أمد الصراع، حيث تعيد إنتاج نفس الوجوه والأفكار التي فشلت سابقًا في تقديم حلول، ولم تضع مصالح اليمنيين في أولوياتها.
علاقات غامضة مع مليشيات الحوثي
تشير التقارير إلى أن بعض الأحزاب المتواجدة في هذا التكتل الجديد لها علاقات غير مباشرة مع مليشيات الحوثي، ما يُعقد من إمكانية تحقيق السلام. هذه العلاقات تعطي الحوثيين فرصة للمناورة السياسية والعسكرية، مما يُطيل أمد الأزمة ويتيح لهم المزيد من الوقت لتعزيز سيطرتهم في الشمال وتهديد المناطق الجنوبية المحررة.
قضية الجنوب خارج اهتمام التكتلات
يبقى التعامل مع قضية شعب الجنوب من قبل هذه الأحزاب محدودًا ومقتصرًا على مطالب حقوقية بسيطة، دون معالجة الأسباب العميقة للصراع. فبينما تتمسك هذه الأحزاب بمفهوم “الوحدة اليمنية” التقليدي، تواصل مليشيات الحوثي فرض سيطرتها بالقوة، مما يؤكد ضعف مواقف هذه الأحزاب وعدم قدرتها على مواجهة الواقع المتغير.
خاتمة: الشعب بحاجة إلى حلول وليس تكتلات
الشعب اليوم يحتاج إلى حلول جذرية لإنهاء الأزمة، بدلاً من مزيد من التكتلات السياسية التي تستمر في تكرار نفس الأخطاء، وتعيد إنتاج قيادات سياسية فقدت مصداقيتها منذ سنوات. الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تُلقي بثقلها على الشعب تتطلب جهودًا حقيقية، وليس تكتلات شكلية هدفها الوحيد هو تعزيز مصالحها الخاصة.
حافل عبدالله السعدي