مقالات | مختار القاضي
أيام قلائل ويشرف على الدنيا هلال شهر رمضان المبارك، الذي تهفو إليه قلوب المؤمنين وتتشوق إليه نفوسهم، وتتطلع شوقاً إلى بلوغه ، ليعيد للقلوب صفاءها، وللنفوس إشراقها وللضمائر نقاءها، بعدما تكدرت بفتنة الحياة، وزحام الدنيا، وتلوثت بالنزوات العابرة، والشهوات العارمة.شهر رمضان الذي يزكي القلوب، ويطهر النفوس، ويكفر السيئات والمعاصي، ويقرب العبد إلى الله،ويسهل كل طرق الخير بتصفيد الشياطين، نعمة عظيمة من الله تبارك وتعالى، فعلينا اغتنام هذا الشهر العظيم وتعظيمه بأنواع العبادات والقربات،و بأنواع الخيرات، والإكثار فيه من الصلوات والصدقات،وقراءة القرآن الكريم، والإحسان إلى الفقراء والمساكين والأيتام
كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم والتابعون العظام يغتنمون هذه الفرصة،كان الإمام مالك رحمه الله لا يتشاغل إلا بالقرآن الكريم، وكان يعتزل التدريس والفتيا والجلوس للناس، ويقول هذا شهر القرآن الكريم ،وكان الزهري إذا دخل رمضان يقول إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام ،وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين، وكان قتادة إذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة ،وقال ربيع بن سليمان كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيئ إلا في صلاة ،هذا حال السلف مع القرآن في هذا الشهر المبارك
،وأما حالنا مع القرآن الكريم ،فيا للأسف أحوالنا مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة، فمنا من لا يتلو القرآن في رمضان ولا في غير رمضان، ومنا من لا يتلو القرآن إلا في رمضان، لا تدبر فيه ولا عمل به، ومع هذا لا صيام ولا قيام مع إحتساب الأجر من الله، فكيف نرجو النصر من الله، والنصر من الله يتحقق على نصرنا إياه، يقول الله تعالى: إن تنصروا الله ينصركم ،أولاً لابد لنا من الإهتمام بهذا الشهر المبارك والمبادرة إلى الخيرات فيه والعكوف على تلاوة القرآن الكريم مع التدبر ونية العمل به، وثانيًا الشكر لأن الشكر يزيد النعم، وكفران النعمة يسبب العقوبة، يقول الله تعالي لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.«اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين»