أخيرَا، قالتها، بعد أن قضت ثمان سنوات من الانتظار؛ حين كانت تمنّي نفسها أن زوجها سيحصل على اللقب الأكاديمي، هكذا حدثت نفسها، نعم أنه سيكون أكاديميَا مرموقًا، هكذا حكى لي أثناء خطوبتنا، كم كنت متشوقة لهذا اليوم، فجأة صرخت في وجهه، بينما هو كان منهمكًا في قراءة كتاب إدارة الازمات، لقد خطّ في مسودة بياض هذا العنوان كيفية إدارة الازمات، دراسة مقارنة بين قدرة كل من (أمريكا وإسرائيل) من جهة و(حماس) من جهة أخرى، أعتلى صوتها المكان وهي تردد قائلة: استفد من السنوات المتبقية من حياتك الضائعة! لقد سئمنا من الانتظار، حدّق في عينيها، والغضب كاد ان يحولهما جمرا! استمرت في الصراخ، أريد أن أعيش!! إلى هنا وكفى!! توقف عن أوهامك وأحلامك اللانهاية لها، أقتربت كثيرًا من جهاز كمبيوتره وكتبه ركلتها بكلتا قدميها، حاول أن يهدأها؛ لكنها استمرت في عنفها وصراخها، “أريدك اليوم أن تسمعني جيدا لقد صبرت سنوات لخرفاتك، يجب عليك الان وليس بعد!! أن تكتشف كذبة أحلامك، وزيف ادعاءات وطنك المزعوم، لقد انتهى، لقد أصبح بلد صفري وليس فيه أمل للطموح، هل تنتظر أن يقال لك أنك عاطل عن العمل، وأننا عبء على الحياة وحتى على أنفسنا وأسرنا. هل ستدرك وتتيقن أن الطريق التي سلكتها منذ أول يوم دخولك الجامعة كانت خطيئة الحياة، لا رغبة لديّ أن أعيش، لقد سئمت العيش في ظل الترهات التي تكتبها كل يوم، تعال لترى هات يدك، أنظر لهاذين الشابين الواقفين هناك، أنظر فيهما جيدا لا تعمض عينيك أنك! لا تريد أن تندهش، هل عرفتهما، تكلم، أعرف أنك لا تريد الحديث، لكني سأخبرك الحقيقة، أنهما التلميذان اللذان فشلا في امتحان الثانوية العامة في دفعتك، هل عرفتهما الان؟ هزّ رأسه وهو مطأطئ، أرأيت ما حققاه طوال فترة دراستك؟ انظر إلى تلك العمارتين والسيارتين الواقفتين في منتصف الرصيف أنهما لهما، انظر إلى ذلك الباص القادم من بعيد، هل تراه؟ أم عيناك أصابهما العمى من قراءة الكتب؟ أنه باص لنقل أبنائهما من تلك المدارس الأهلية التي تقع خلف المدنية، أخبرني لماذا أنت صامت؟ ومتسمّر مثل الخشب، هل تسمعي؟ هل تفهم ما أقول؟ اسمعني وهذا أخر كلام، أريد طلب واحد فقط،(( لا أريدك تكون أكاديميَا – ما اريده منك هو أن تكون عسكريا عسكريَا فقط!!
د. صبري عفيف العلوي
العاصمة عدن
19 أكتوبر، 2023م