قنا24 | لندن – خاص
أصبح من متلازمات إختتام أو إبتداء أي كتابة سياسية عن مبادرات التسوية السؤال: وماذا قدم الحوثي؟
الواقع من إتفاق ستوكهولم ومابعده وفي كل الحوارات ومشاريع الحلول التالية ، يأخذ الحوثي دون أن يقدم شيئاً ،حتى تلك المنصوص عليها في بنود الإتفاقات ومهرها ببصمته (صرف الرواتب مقابل تحصيل موارد ميناء الحديدة نموذجاً).
مسودة الحل التي يتم تسويقها الآن ، لا تخرج عن سياقات عدم التوازن بين طرفي الصراع : طرف يقدم كل أوراق التنازلات والرشى الإقتصادية والسياسية ، وآخر لايعطي سوى المزيد من خطاب الحرب والتصلب.
ومرةً أُخرى ننساق إلى ذات السؤال : في المبادرة التي توضع اللمسات الأخيرة عليها في الرياض، لم يتزحزح الحوثي عن موقع المتلقي ، فتح الموانئ المطارات ،تدفقات التجارة ،الشراكة بالنفط ،تسوية وضع البنك المركزي لصالحه ،تقاسم حصص الثروات حسب الكثافة السكانية أيضاً بما يخدم مشروعه الهيمني ،ويعزز ترسانته العسكرية ، كل هذا دون أن يلوح من روائح طبخة الرياض السياسية ،ما يوحي بأن المبادرة بكل هذه الإعطائيات المجانية ، تقوم على ألف باء قواعد التفاوض ،أي تقديم التنازلات المتبادلة وصولاً إلى نقطة الحل التوافقي الوسط.
الجنوب وفق التسريبات وتسلسله في سياق ترتيب نقاط المبادرة ،خارج التسوية وقضية مرحلّة محالة إلى التقاعد ،أي رميها في دواليب ومنعطفات وتجاذبات اللجان المشكلة، لإدارة الحوارات في كل القضايا ، إذ لم تعد قضية مستقلة ،ولم يعد لها وفداً تفاوضياً مناصفاً ، ولم يعد لها إطارها الخاص ، بما يوحي أن الحوثي يمرر إشتراطاته وتمسكه بلاءاته ،وأبرزها الدولة المركزية الواحدة وهو من يتصدر قيادتها .
ومن الجنوب إلى شكل نظام الحكم ، ومن الرواتب وحتى الثروات ، تتأسس ثقافة جديدة في إدارة الصراعات ،تقوم على الإبتزاز وعلى القوة لا على العدل والحق.
ليس هناك في صراع اليمن ، من ينظر إلى أبعد من مصالحه الأمنية الداخلية ، ويتعاطى مع مخرجات جديد الصراع الإقليمي ، وأن المنطقة قادمة مخاضات موجبة وعلى إعادة ترتيب أوضاعها ،وأن الحوثي في سياق هذه المقاربات الدولية هو الأضعف ، وليس في موقع من يملي الشروط ويحدد وجهة الحلول، ويصيغ من موقع الأقوى التسويات.
ومع ذلك لنقل من باب التفاؤل بالشيء ، أن مفاوضات ومبادرة الرياض لم تبح بكل أسرارها بعد ، وان ماهو غير المُعلن ربما يصوب الكفة ، و يعيد وزن المعادلة المختلة ، لصالح الحل العادل بما في ذلك قضية الجنوب ، ويحقق السلام المتوازن والمستدام .