أكمل أمين عام حزب الله الآن كلمته، التي تحدث فيها طويلاً ولم يقل شيئاً.
فسر الماء بالماء تحدث عن مظالم الشعب الفلسطيني التي نعرفها جيداً، وعن صموده الذي نقدره ونعتز به أيضاً جيداً ، تباكى على ضحايا غزة وتاجر باطفالها، الذين تحولت سقوف منازلهم إلى مقابر، والأنقاض إلى نعوش تأوي أجسادهم الغضة، تكلم عن الأمريكان وتاريخ تدخلاتهم وهذا خبرناه مطولاً، وعن بيت عنكبوت الإسرائيلي وصمت الحكام العرب.
لم يقل نصر الله شيئاً، لم يتحدث عن كسره لتفاهمات تموز حول قواعد الإشتباك ، لم يهدد بتخطي الكيلومترات الخمسة المسموح بها كمسرح عمليات، وجدد ربط تحريك جبهته الجنوبية بشرطين: هزيمة غزة كلياً، أو عدوان واسع النطاق على لبنان من قبل إسرائيل .
نصر الله أهدر من وقتنا ساعة وأكثر ، في لغة مكرورة وخطابة متشنجة، وعنتريات لا تفتح جبهة ولا تنتج دعماً للمقاومة.
لا مجال للبحث عن نقاط إختلاف بين حديث نصر الله اليوم، وأي يوم من سنوات سبقت إبادة غزة، هو ذات الخطاب ذات الصراخ ذات شد العصب، وتوزيع الإشادات هنا وهناك من بغداد إلى صنعاء، والإدانات من واشنطن إلى لندن ، والإقرار أن لبنان ليس الجبهة الأساسية، الجبهة الأساسية هي غزة، وتدبير أهل غزة شؤون التصدي لوحشية قتلهم اليومي، وهو ماقلناه أمس أن نصر الله سيلعب على معزوفة إن مقاومة غزة لديها مايكفي من العتاد ومخزون الصمود .
نصر الله تلقى الرسالة الإمريكية الغربية وفهمها جيداً، وعمل في ضوء منطوقها:
قل كثيراً ولا تفعل شيئاً يتخطى قواعد الإشتباك ، تعنتر ضد الغرب والعرب والإمريكان كما تشاء، وأترك ترسانة صواريخك تنام في مخازن الضاحية، تلقى نصرالله خطوط النيتو الحمراء وأساطيل الإمريكان ، ووعد بالحرص على عدم تجاوزها.
نعم تحدث طويلاً ورمى الكرة مرة أُخرى نحو الغزاويين الموتى ، عليهم أن يحاربوا وحدهم، ويموتون وحدهم، ويحتفون بخطاب نصر الله ،وهو يبيعهم قليل من قصف وإشغال ، وكثير من المدح وصكوك الشهادة.
قنا24