القراءة الصوتية
قنا24 | متابعات
تواظب ميليشيا الحوثي منذ أيام على شن هجماتها العسكرية نحو العمق الإسرائيلي، رغم الضربات الإسرائيلية المتكررة على مناطق مختلفة من اليمن.
ولم ينجح هجوم إسرائيل “الكبير” الخميس الماضي، الذي شمل منشآت مدنية وبني تحتية في العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة الحديدة، في وقف الحوثيين عن مواصلة إرسال ملايين الإسرائيليين فجرًا إلى الملاجئ، في سياق التصعيد المتزايد أخيرًا بين الجانبين.
وفجر اليوم السبت، أعلنت إسرائيل اعتراض صاروخ جديد أطلق من اليمن، في حين أشارت وسائل إعلام عبرية إلى إصابة شخص واحد على الأقل في التدافع نحو الملاجئ.
ويرى خبراء ومحللون يمنيون، أن إسرائيل تسعى بعد فشل ضرباتها المتتالية في ردع الحوثيين إلى حشد الأدوات القانونية والأخلاقية في مجلس الأمن الدولي، لتبرير خطواتها العسكرية العنيفة في المدة المقبلة.
ونجحت تل أبيب في مساعيها لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الاثنين المقبل، “لاتخاذ تدابير فورية وحاسمة” لمعالجة انتهاكات الحوثيين المستمرة، “التي تشكل تهديدًا مستمرًا للسلم والأمن الدوليين”، طبقًا لطلب الخارجية الإسرائيلية.
تمهيد الأرضية
ويقول الباحث في علم الاجتماع السياسي مصطفى ناجي، إن “إسرائيل متجهة نحو إدراج صواريخ الحوثيين غير المؤثرة ضمن أدبيات مجلس الأمن، بهدف انتزاع صياغات قانونية وسياسية تقدمها كدولة معتدى عليها، ما يمنحها تفوقًا قانونيًا يبرر ردها العسكري”.
وأشار في حديثه لـ”إرم نيوز”، إلى أن “هذه الخطوة ستجعل أي رد عنيف أو غير متناسب من قبل إسرائيل مسألة تقنية وتفصيلية ثانوية، بعد حصولها على درع قانونية وحصانة أخلاقية، بوصفها دولة معتدى عليها”
وبحسب ناجي، فإن” إسرائيل تمهد بذلك لمراحل أخرى قادمة، وتهيئ الأرضية القانونية والسياسية لتشكيل تحالفات دولية وإقليمية، على غرار تحالف القضاء على تنظيم داعش، في ظل قدوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
وعبّرت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، الجمعة، عن رفضها للهجمات الإسرائيلية التي تستهدف البنية التحتية، محملة الحوثيين مسؤولية استدعاء هذه الغارات على مقدرات اليمنيين، من خلال “مغامراتهم العبثية”.
وعلى مدى خمسة أشهر مضت، استهدفت إسرائيل بشكل متكرر، مواني محافظة الحديدة وحاضنات الوقود المستورد ومحطات مركزية لتوليد الكهرباء، قبل أن تتوسع أخيرًا لتشمل مطار صنعاء الدولي، دون وصول حقيقي إلى أهداف عسكرية مؤثرة على قدرات الحوثيين وعملياتهم المتواصلة.
سيناريو حزب الله
وقال الباحث في الشؤون العسكرية عدنان الجبرني، إن “بقاء الضربات الإسرائيلية في هذا المستوى، متعلق بنقص جاهزية معلوماتية ولوجستية إلى جانب البعد الجغرافي، في ظل الضغوط الداخلية التي تفرضها هجمات الحوثيين المتصاعدة على القيادة الإسرائيلية، وهو ما يدفعها نحو استهداف استعراضي للبنية التحتية، وسط جهود مكثفة لجمع معلومات أكثر عن الميليشيا وطريقة استجابتها”.
وأشار إلى أن “استهداف المنشآت الحيوية يهدف كذلك إلى ردع الحوثيين ودفعهم تدريجيًا للتوقف، بدافع خشيتهم من خسارة البنية المدنية التي توفر الاعتراف والموارد”، وفقًا لما أورده في تدوينة على منصة “إكس”.
وأضاف الجبرني، أن “اعتقاد تل أبيب بأن هناك تأثيرات نفسية تخلفها الحرائق والدمار في المواني والمطار على الحوثيين وحاضنتهم، بذات القدر الذي تتركه لدى الجمهور الإسرائيلي، دليل على خطأ فادح في فهم ميليشيا الحوثي”.
وذكر أن “الحوثيين يرون في الاستهداف الإسرائيلي على المقدرات العامة، مكاسب عديدة تتعلق بالتعبئة الداخلية والخارجية، وتعزيز مشروعيتهم، إضافة إلى أهميتها في تجنب العزل الشعبي المتوقع، حال انطلاق عمليات قطع الرؤوس القيادية وضرب قدرات الميليشيا الخاصة والنوعية”.
وتوقع الجبرني، “استمرار إسرائيل في الرد على الحوثيين بنسق مماثل أو مقارب، يوحي بوضع قواعد اشتباك، ثم في لحظة معينة تقرر تل أبيب خوض حرب جادة بمستوى مفاجئ، مثلما حدث مع حزب الله”.