قنا24 | العاصمة عدن
يشجّع سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية داخل مناطق الشرعية اليمنية وتعثّر الحلّ السياسي المأمول للصراع اليمني ككل والذي يأمل المجلس الانتقالي الجنوبي أن يجعل من إقامة دولة الجنوب المستقلة جزءا أساسيا منه، دعاة فض الشراكة بين المجلس والشرعية على الرفع من سقف مطالباتهم وصولا إلى فرض سلطة الأمر الواقع في مناطق الجنوب أسوة بالحوثيين الذين أصبحت سلطتهم الموازية في صنعاء ومناطق يمنية شاسعة، موضع اعتراف ضمني من قبل القوى التي باتت تعتبرهم طرفا ممكنا في السلام المأمول وتحاول استدراجهم إليه، متجاوزة عدم شرعية سيطرتهم على تلك المناطق.
ودعا إياد غانم عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى انعقاد مجلس العموم الجنوبي لتقييم ما سماها تنازلات مقدمة للشرعية من قبل المجلس، معتبرا أنّ تقديمها كان خطأ.
وبات الانتقالي صاحب النفوذ الواسع في معظم مناطق الجنوب بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن، بمثابة الشريك الأبرز للشرعية منذ أن نجحت المملكة العربية السعودية في تقريب هوة الخلافات بينهما وأقنعت قيادته بالمشاركة ضمن تركيبة مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي والدخول في حكومة مشتركة تتولى إدارة شؤون المناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين.
لكن الشراكة لم تسر منذ ذلك الحين وفق ما هو مرسوم لها، حيث لم تنقطع الخلافات بين الطرفين بسبب ما يقول الانتقالي إنّه عدم التزام من قيادة الشرعية بالتطبيق الأمين لما تم التوافق بشأنه ضمن اتفاق الرياض من مشاركة في اتخاذ القرار وتوزيع عادل للمناصب التنفيذية في الحكومة.
لكنّ أكثر ما وتّر العلاقة بين الطرفين ورفع أصوات دعاة فض الشراكة هو سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والخدمية في مناطق الشرعية التي تمتد أيضا على مناطق نفوذ الانتقالي غير الراغب في تحمّل مسؤولية تلك الأوضاع ودفع ثمنها من رصيد شعبيته.
ويساهم أيضا في توسيع الهوّة بين الطرفين شكوك أنصار المجلس الانتقالي ومسؤوليه في جدية الشرعية في الالتزام بقضية الجنوب كما يراها المجلس ضمن مسار الحلّ السياسي للصراع اليمني والذي تجري محاولات إقليمية وأممية للدفع به.
وقال غانم في معرض دعوته لاجتماع مجلس العموم إنّ تقديم تنازلات بهدف إثبات حسن النوايا كان خطأ، وإنّ ما كان يجب أن يتم هو إقامة سلطة أمر واقع وتمكين المجلس الانتقالي من إدارة الجنوب أسوة باعتراف الجميع بسلطة الأمر الواقع في الشمال وسقوط مساعي تحرير المناطق من الحوثيين.
وعرض غانم لما سمّاه “مبادرات الخارج وفرض الحلول غير العادلة وعدم متابعة تنفيذها على أرض الواقع،” مضيفا “حتى اللحظة لم يستطع الخارج الضغط على الحكومة لتنفيذ أهم ما جاء في اتفاق الرياض بخصوص إنشاء هيئة مكافحة الفساد وإعادة هيكلة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة،” ومعتبرا أنّ كلّ طرف “يعمل لخدمة حزبه وتنفيذ أجندة معادية لإرادة شعب الجنوب.”
وأضاف “لا أعتقد أن أحدا اليوم لا يدرك بشاعة الواقع وخذلان التضحيات التي قدمها شعب الجنوب وجسامة التنازلات التي قدمها المجلس الانتقالي والتي قوبلت بتربص الأعداء واستمرار انتهاج السياسات الحاقدة وأبرزها المستهدفة للقمة عيش المواطن الجنوبي بغية تركيعه وإذلاله.”
وتشهد مناطق الشرعية اليمنية أسوأ أزمة مالية واقتصادية بدأت تلقي بظلالها على مزاج الشارع المرهق أصلا من الغلاء المشطّ في الأسعار بسبب ارتفاع نسبة التضخّم، ومن سوء الخدمات.
ويشكّل شمول الغضب الشعبي لمناطق جنوبية واقعة ضمن نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي مبعث قلق للمجلس الشريك للشرعية اليمنية والممثل في مؤسّساتها بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي، على استقرار مناطقه وأيضا على شعبيته وسمعته لدى سكّانها.
ويمثّل ذلك عامل ضغط ثان على الشرعية من منطلق أنّ الانتقالي لا يتردّد في تحميلها مسؤولية الانهيارات الاقتصادية والمالية وما يستتبعها من تعقيدات اجتماعية، وصولا إلى تهديدها بالانسحاب منها إذا لم تسارع بإيجاد الحلول الناجعة لتلك الأوضاع.
ولا تعتبر دعوة غانم لفض الشراكة مع الشرعية الأولى من نوعها حيث تواترت خلال الفترة الماضية مثل تلك الدعوات وجاءت على شكل إنذارات صدرت عن مسؤولين في الانتقالي ودوائر مقربة منه.
وعلّق رئيس وحدة شؤون المفاوضات بالمجلس ناصر الخبجي على إنشاء تكتل للأحزاب تمّ الإعلان عنه مؤخرا ويتشكّل في غالبيته من قوى مساندة للشرعية وغير معترفة بمشروع الدولة الذي يتبناه الانتقالي بالقول إنّ الهدف منه “ليس سوى استهداف قضية شعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي، ويشكل خطرا على جدار التوافق والشراكة،” مضيفا أنّ “المضيّ قدما في هذا المسار لا يعني سوى بداية النهاية لهذه الشراكة، مما سيؤدي حتما إلى سقوط الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي والهيئات المساندة.”