قنا24 | متابعات
أشاع قرار القيادة الأمنية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي بمنع تحصيل أي جبايات غير قانونية في جميع النقاط الأمنية والعسكرية المنتشرة بين المدن في مناطق سيطرة المجلس وفي مداخلها، حالة ارتياح لدى سكّان تلك المناطق الذين كثيرا ما اشتكوا من تجاوزات في حقهم من قبل أفراد وقادة وحدات أمنية تتمثل في فرض إتاوات غير نظامية على أموالهم وأعمالهم وبضائعهم التي ينقلونها لغرض التجارة أو الاستعمال الفردي.
ونُظر إلى القرار باعتباره مظهرا على جدية العميد أبوزرعة المحرمي الذي تمّ تكليفه مؤخّرا من قبل رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي بإدارة ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، ليتولّى بذلك “الإشراف الكامل على عمل القوات الأمنية ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى إعادة هيكلتها وتنظيمها بما يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في عموم محافظات الجنوب”، وفقا لما ورد في قرار التكليف.
وقالت مصادر محلية من مدينة عدن التي تمثل مركز النفوذ الأساسي للانتقالي وتتخذها الشرعية اليمنية عاصمة مؤقتة لها بسبب وقوع العاصمة اليمنية صنعاء تحت سيطرة جماعة الحوثي، إن قرار منع الجبايات غير النظامية الذي طال انتظاره يمثّل باكورة ملامس المحرمي على الوضع الأمني في الجنوب، ويساهم في حماية مصالح السكان وأموالهم ويشيع قدرا من الشعور بالأمان ويعيد الثقة بين المواطن العادي والقوات الأمنية والتي لم تخل خلال الفترات السابقة من توتّرات بسبب سلوكات فردية غير ملائمة من قبل بعض منتسبي تلك القوات.
ولفتت المصادر إلى أنّ ظاهرة استخدام بعض القيادات والعناصر الأمنية لسلطاتها في التعدي على الأموال والممتلكات الخاصة لم تكن من دون تأثير على الوضع الاجتماعي للسكان لدور تلك التجاوزات في رفع أسعار السلع والمواد الأساسية عندما يلجأ التجار إلى تعويض مما يدفعونه لنقاط التفتيش وغيرها من جيوب الزبائن والمستهلكين.
وأصدر المحرمي توجيهات إلى محافظي المحافظات الواقعة خارج سيطرة جماعة الحوثي وقادة الوحدات العسكرية، ومدراء الوحدات الشرطية وقيادة قوات الحزام الأمني، بمنع تحصيل أي جبايات غير قانونية، في جميع النقاط الأمنية والعسكرية المنتشرة على الخطوط ومداخل المدن.
وشملت التوجيهات ضرورة الإبلاغ عن أي مخالفات لاتخاذ الإجراءات الصارمة ضد مرتكبيها.
وتنفيذا لتوجيهات المحرمي أصدر القائد العام لقوات الحزام الأمني العميد محسن عبدالله الوالي قرارا يقضي بمنع أي جبايات غير قانونية على المركبات والشاحنات في جميع وحدات ونقاط قوات الحزام المنتشرة على الخطوط وفي مداخل المدن.
وكانت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلة وصاحب النفوذ الواسع في عدد من مناطق الجنوب قد دشّنت مؤخرا عملية إعادة هيكلة للقوات الأمنية للمجلس وذلك مسايرة لتطور التهديدات في تلك المناطق ومن ضمنها العودة الملحوظة لنشاط تنظيم القاعدة، وتفاعلا أيضا مع بعض المشاكل الهيكلية والتسييرية التي برزت في صلب تلك القوات.
واختار رئيس المجلس عيدروس الزبيدي لمهمّة إعادة ترتيب أوراق القوات الأمنية نائبه في رئاسة المجلس العميد عبدالرحمن المحرمي المعروف بأبوزرعة صاحب الخبرة الواسعة بالعمل الأمني والإنجازات الميدانية المشهودة في مواجهة تنظيم القاعدة وقتال جماعة الحوثي من خلال قيادته لقوات العمالقة.
ويشغل المحرمي بالإضافة إلى دوره القيادي في المجلس الانتقالي، منصب عضو في مجلس القيادة الرئاسي اليمني الذي يرأسه رشاد العليمي.
وشهدت مناطق داخلة ضمن نطاق نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي وواقعة في دائرة عمل القوات التابعة له خلال الفترة الأخيرة عودة ملحوظة لنشاط تنظيم القاعدة الذي كانت تلك القوات ذاتها قد قامت بأدوار رئيسية في الحرب ضدّه وتمكنت من هزيمته وتحجيم خطره.
ونفّذ التنظيم في وقت سابق من الشهر الجاري هجوما بسيارة مفخّخة على ثكنة عسكرية في محافظة أبين شرقي عدن أوقع أكثر من ثلاثين من عناصر القوات الجنوبية بين قتلى وجرحى.
ولم يخل قرار تكليف المحرمي بإعادة هيكلة القوات أيضا من دوافع تنظيمية داخلية، حيث جاء القرار في خضّم الضجة الثائرة في عدن وجوارها حول ما بات يعرف بقضية الضابط عشّال الجعدني.
واختطف عشال وهو ضابط من محافظة أبين ينتمي إلى الجيش اليمني برتبة مقدّم في يوليو الماضي بعدن ولا يزال مصيره مجهولا، الأمر الذي أثار احتجاجات عارمة من قبل أبناء قبيلته.
وتوجّهت الاحتجاجات صوب المجلس الانتقالي الجنوبي كون المتهمين بتنفيذ الاختطاف ينتمون إلى قواته، وتحوّلت إلى حملة سياسية وإعلامية ضدّه على الرغم من كشف التحقيقات عن تصرّف الخاطفين بدوافع فردية وشخصية وفي نطاق صراع على مكاسب مادية تتعلق بملكية أراض.
ولم يمنع ذلك من صدور تحذيرات للانتقالي عن دوائر مقربة منه ومساندة لمشروعه من تسرّب بعض السلوكات غير المنضبطة إلى قواته الأمنية التي تمثّل العمود الفقري لنفوذه.
ويبدو أنّ قرار تكليف المحرمي بإعادة الهيلكة مثّل في بعض وجوهه استجابة لتلك التحذيرات، حيث توقّعت جهات سياسية وإعلامية أن تشهد القوات الأمنية الجنوبية في الفترة القادمة عملية فرز وغربلة لإعادة فرض الانضباط داخلها والنأي بها عن النوازع الشخصية والصراعات المصلحية.
ورحبت العديد من الدوائر بقرار الزبيدي واعتبرته مفيدا في فرض الأمن والاستقرار ومواجهة المخاطر. وقال منصور صالح القيادي في الانتقالي الجنوبي إنّ “ما نشهده من تغييرات وترتيبات هو سلسلة من خطوات البناء والتحديث للمؤسسات الجنوبية، وأهمها المؤسسة الأمنية والعسكرية”.
وأكّد أنّ “التعيينات والتكليفات التي تتم في إطار المؤسسة العسكرية والأمنية، وآخرها تكليف القائد المحرمي بالإشراف على الأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب وإعادة هيكلتها، تأتي ضمن عملية متواصلة لم تتوقف منذ تأسيس المجلس وشروعه في إعادة بناء مؤسستي القوات المسلحة والأمن الجنوبيين”.