قنا24 | متابعات
اعتاد اليمنيون للاحتفاء بالمناسبات الدينية، كقدوم شهر رمضان، على إضرام النيران في كومة من القشّ والحطب على رؤوس الجبال، كوسيلة لإعلام السكان بالمناسبة.
وهذه عادة قديمة تسبق ظهور الإسلام، استلهمت من حضارة المملكة السبئية، حين كان إشعال النار على قمة جبل “اللوذ” بمحافظة الجوف، من الطقوس الدينية في مراسم تنصيب الحكام “المكاربة”.
وتختلف تسمية هذه العادة باختلاف مناطق اليمن، فتسمى في بعض المحافظات “تشعيل” و”تشاعيل”، فيما يطلق عليها في مناطق أخرى “التناصير”؛ إذ كانت طريقة لإعلان انتصار الجيوش في المعارك.
ويشير المؤرخ اليمني، إسماعيل بن علي الأكوع، إلى أن “التناصير” كانت قديمًا وسيلة القبائل اليمنية في التداعي العاجل، لمواجهة الأخطار الداهمة، وهي عادة قبلية متوارثة منذ ممالك حِميَر وسبأ.
ومع وصول الإسلام إلى الأراضي اليمنية، أصبحت عادة إشعال النار في قمم الجبال والمرتفعات بمثابة إعلان للمواقيت، انطلاقًا من جبال مركز الأهلّة، مدينة زبيد التاريخية، المطلّة على البحر الأحمر، ومنها يتم تناقل الإعلان بين جبال المناطق والبلدات والمدن القريبة، عبر هذه الطريقة البدائية.
ورغم التراجع الكبير لهذه العادة مع تطور وسائل الإبلاغ وانتهاء وظيفتها، فإنها لا تزال حاضرة حتى اليوم، في بعض المدن والأرياف اليمنية، وتحولت إلى تقليد شعبي يحتفي به الأطفال والشباب بحلول المناسبات الدينية.
وخلال العقود الأخيرة، بات الكثير من ممارسي هذه العادة، يقومون ليلة اليوم الأول من رمضان، بإضرام النار في إطارات السيارات التالفة وغير المستخدمة، بدلًا عن استخدام القشّ والحشائش والحطب، سواء في المرتفعات الجبلية أو في السهول قرب المدن والتجمعات السكانية.
ويسبب ذلك إزعاجا للكثير من اليمنيين، جراء استنشاق أدخنة المطاط المتصاعدة المضرّة بالصحة العامة، خاصة المرضى والمصابين بمرض الربو.
ونفذت الهيئة العامة لحماية البيئة في البلاد، في السنوات الأخيرة، حملات وأنشطة توعوية، للتعريف بأضرار إحراق الإطارات والغازات السامة المنبعثة من أدخنتها، على صحة المجتمع والبيئة.
ولجأت السلطات في العام 2014، إلى التهديد باتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد أولياء أمور الأطفال الذين يثبت تورطهم في إحراق إطارات السيارات والمخلفات البلاستيكية في الشوارع والأحياء، وهو ما أدى إلى انحسار هذه العادة الشعبية، دون القضاء عليها تمامًا.