(قنا24 – بلومبرغ)
بينما اقتربت الليرة من إكمال عقد من الخسائر المستمرة، ناقش صناع السياسات في تركيا فكرة كانت تبشر بحل سريع، وساعدت على التصدي لأزمات أخرى مشابهة.
لكن بعد سنتين تقريباً، أصبح برنامج الودائع الممول من الحكومة، الذي يحمي الودائع بالليرة التركية من انخفاض قيمتها مقابل العملات الصعبة، أكبر من إنهائه تدريجياً، وأخطر من التخلي عنه.
البرنامج الذي اعتبر في البداية إجراءً طارئاً، أصبح أداة مكلفة لكن لا يمكن الاستغناء عنها، إذ كشف البنك المركزي عن واحدة من أكبر الخطوات حتى الآن التي تهدف إلى تقليص حجم الودائع المرتبطة بالعملات الأجنبية، في قرار أُعلن عنه في الساعات الأولى من يوم الأحد، وهو ما أدى إلى تدهور أسهم البنوك التركية في بورصة إسطنبول الإثنين.
عبء على البنك المركزي
بقيمة 124 مليار دولار، تمثل الودائع المرتبطة بالعملات الأجنبية حالياً أكثر من ربع إجمالي الودائع، ما قلص الاحتياطيات الإجمالية لدى البنك المركزي. يستنزف البرنامج، المعروف باختصاره باللغة التركية “كيه كيه إم” (KKM)، خزانة الدولة بشكل متزايد، ويعيق صناع السياسات من رسم مسار أكثر تقليدية لتقدم الاقتصاد البالغ حجمه 900 مليار دولار بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو.
بموجب هذه الآلية، يمكن حماية الودائع بالليرة من خسائر العملة عبر الحصول على تعويض تضمنه الدولة عن أي انخفاض في قيمة الليرة يتجاوز سعر الفائدة على الحسابات المصرفية. وبما أن التدفقات يمكن أن تأتي عبر تحويل حسابات العملة الصعبة، فذلك أصبح مصدراً إضافياً للدولارات بالاحتياطيات المتناقصة لدى البنك المركزي.
بينما يتهيأ البنك المركزي بقيادة محافظته حفيظة غاية أركان، لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا الأسبوع، وهو قرار كاد يكون محرماً في حقبة المحافظ السابق، قد يتحول برنامج “كيه كيه إم” إلى إرث مستمر لعصر السياسات الاقتصادية غير التقليدية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان.
كتب محللو “سيتي غروب”، ومنهم لويس كوستا، في تقرير صدر الأسبوع الماضي: “لا نتوقع أن يكون البنك المركزي قادراً على عكس اتجاه تسهيلات برنامج الودائع هذا في المدى المتوسط، نظراً لضعف غطاء احتياطي العملات الأجنبية، وحجم الديون بالعملات الأجنبية في الاقتصاد التركي التي يُفترض سدادها”.
رغم التغير الكبير الذي قام به المودعون الأتراك، إذ لم يشهد البرنامج تدفقات أسبوعية خارجة منذ يناير، تُعتبر “إس أند بي غلوبال ريتنغز” (S&P Global Ratings) الاقتصاد التركي “أكثر دولرة” عما كان عليه في 2019، بعد أزمة العملة.
يشير البنك المركزي من خلال قراره الأحدث، إلى أن البنوك مطالبة بإثناء العملاء عن تجديد ودائعهم بالبرنامج، ما يجبر البنوك التي لا تحقق مستهدفات معينة للتحويلات إلى الحسابات العادية بالليرة، على شراء سندات حكومية إضافية.