إن الدولة أرض وشعب وهوية وتاريخ وسيادة واستقلال ومؤسسات وقرار وطني مستقل وفي ذات السياق يكون من نوافل القول أن إخراج شعب الجنوب من جور وبراثن المعاناة قد بات ضرورة عاجلة لا تحتمل المزيد من الوقت بعد أن بَلَغَت معاناته الإنسانية الإقتصادية والحياتية المعيشية والخدمية حداً لا يطاق من التدهور تستاء وتتضاعف يوماً تلو الآخر، المجاعة غَزَت كل حي وحارة ووَصَلَت كل أسرة ودَخَلَت كل بيت، قيمة الثلاثة الأقراص الروتي مائتان ريال والكيلو الطماطم بـثلاثة آلاف ريال وعليه القياس وحدّث لا حرج تُرَى كيف هي أحوال الأسر التي تعتمد على راتب عائلها بمتوسط خمسون ألف ريال ماذا عساه يفعل؟! كيف هي أحوال الأسر التي تعتمد على دخل عائلها اليومي؟! وفي ضل انتشار البطالة وركود نشاط السوق وسياسة الإفقار والتجويع ((مَن يده في الماء ليس كمَن يده في النار)).
إن أوضاع كهكذا من شأنها التَّسبب أيضاً بحالة إقلاق الأمن والاستقرار والسكينة العامة والإخلال بالسلم الأهلي والمجتمعي طالما كان يُفترض فيها أن تؤدي إلى انتشار ظاهرة الجريمة الجنائية بكل أنواعها فضلاً عن كونها توفر بيئة خصبة ومناسبة للقوى المعادية ومن فلكهم لاستغلال حاجة الناس وضخ واستخدام المال في الإستقطاب للجريمة المنظمة السياسية والإرهابية المفترضة أيضاً.
إن شعب الجنوب الصابر المرابط والمكافح يناضل ويقدم التضحيات الجسام ويتجرع مرارة المعاناة وقساوة العيش وعلى مدى ثلاثة عقود ونَيف من الزمن ثابتاً على قضيته متمسكاً بحقه في استعادة دولته كاملة الحرية والسيادة والاستقلال.
إن هذا الشعب العظيم يستحق من قيادته اليوم وأكثر من أي وقت مضى إخراجه من المعاناة والتأسيس لبناء مؤسسات الدولة الجنوبية المحترمة بناءً مؤسسياً خالياً من الفساد والإفساد بكل أشكاله ومظاهره وتلاوينه وصوره وإعمال معايير الشفافية والنزاهة وبراءة الذمة وتطبيق مبدئ الثواب والعقاب في المناصب القيادية والإشرافية من جهة ومن جهة أخرى أيضاً إحلال معايير المؤهلات والأقدمية والكفاءة والخبرة والتجربة دون غيرها وتقديم النموذج الأفضل داخلياً وإقليمياً ودولياً وللمؤسسات والمراكز الدولية ذات الإهتمام وعلى قاعدة ((الرجل المناسب في المكان المناسب)) إن ذلك جوهر متطلبات طريق استعادة الدولة الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والاستقلال على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م.
اللواء علي حسن زكي