قنا24 | وكالات
تراهن الولايات المتحدة على القوات الفلسطينية، التي تدربها منذ سنوات، في لعب دور مهم بعد انتهاء الحرب واستلام الملف الأمني بالضفة وغزة في الوقت نفسه ومنع حماس من العودة إلى إدارة القطاع. لكنّ مراقبين يقولون إن المشكلة ليست أمنية، وإن الخطوة الأهم في مرحلة ما بعد حماس هي إصلاح السلطة الفلسطينية.
وقال تقرير أميركي إن واشنطن “تمول إعادة تأهيل” قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، البالغ عددها 35 ألفا، استعدادا لمرحلة ما بعد الحرب. وجاء في التقرير الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست أنه “على الرغم من عقدين من الإصلاحات، فإن قوات الأمن مازالت تعاني من نقص مزمن في التمويل ولا تحظى بشعبية على نطاق واسع، وغير مجهزة لتحمل المسؤوليات الهائلة التي يتصورها مؤيدوها الغربيون”.
ولا يمكن أن تتم إعادة تأهيل القوات الفلسطينية دون إعادة تأهيل السلطة وإصلاحها لتكون قادرة على قيادة مرحلة جديدة تنهي الانقسام وتبسط سلطتها على الفصائل بما في ذلك جمع السلاح.
ويرى المراقبون أن إصلاح السلطة الفلسطينية لا يتم فقط من خلال ضم بعض الأسماء من التكنوقراط إلى الحكومة وفق محاصصة لإرضاء الفصائل، ومن ضمنها فتح وحماس، وإنما أيضا بتنقية المناخ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية دون تدخل من سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتكييفها والتأثير فيها بهدف إعادة إنتاج التوازنات نفسها.
وينظر الأميركيون إلى مرحلة ما بعد الحرب من زاوية واحدة، وهي منع حماس من استعادة حكم غزة أو التأثير من وراء الستار، وهو أمر لا تقدر عليه السلطة الفلسطينية الحالية التي تحتاج إلى تغييرات جذرية، منها إعادة توحيد حركة فتح وفسح الطريق أمام عودة من تم طردهم أو دفْعهم إلى الخروج، بمن فيهم قادة التيار الإصلاحي.
وقال دبلوماسي غربي إن “السلطة الفلسطينية ليست مستعدة للذهاب إلى غزة ولن تكون كذلك في أي وقت قريب”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن كتب في مقال افتتاحي بصحيفة واشنطن بوست في نوفمبر الماضي “بينما نسعى جاهدين من أجل السلام، يجب إعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل هيكل حكم واحد، في نهاية المطاف في ظل سلطة فلسطينية متجددة”. وفي الأشهر التي تلت ذلك قام المبعوثون الأميركيون بجولات بين رام الله وتل أبيب والعواصم العربية، محاولين ضبط معالم ما بعد الحرب.
ومنذ الأيام الأولى للحرب تجد القوات الفلسطينية نفسها في وضع حرج، وتكافح للحفاظ على النظام في الضفة الغربية، دون أي تدخل في ما تقوم به إسرائيل من اقتحامات واعتقالات وفي أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون، ويخضع أعضاؤها للقيود الإسرائيلية نفسها التي يخضع لها المدنيون الفلسطينيون.
ويقول عقيد في القوات الفلسطينية إنه لم تكن لديهم ذخيرة حية للتدريب لأن السلطات الإسرائيلية رفضت طلبات الاستيراد، وإنه يتم إرسال مجموعات مختارة إلى الأردن للتدرب على استخدام الأسلحة الحقيقية.
◙ إصلاح السلطة الفلسطينية لا يتم فقط من خلال ضم بعض الأسماء من التكنوقراط إلى الحكومة وإنما أيضا بتنقية المناخ لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية
وقال مسؤولون فلسطينيون وغربيون إنه ستكون هناك حاجة إلى جهود كبيرة لزيادة عدد قوات الأمن وتدريبها على المستوى المطلوب قبل أن تتحول إلى غزة، وسيكون من الضروري الحصول على موافقة من الحكومة الإسرائيلية، التي تعارض خطة التدريب علانية.
وبعد طرد السلطة الفلسطينية من غزة عام 2007 استثمر داعموها الغربيون بكثافة في إصلاح وحداتها الأمنية المتضخمة وتحويلها إلى قوة منضبطة وقادرة على تنسيق المهام الأمنية مع إسرائيل تنسيقا فعّالا.
ومع تلاشي الآمال في تجسيد حل الدولتين أصبح الكثير من الفلسطينيين ينظرون إلى هذه القوة باعتبارها ذراعًا للاحتلال الإسرائيلي، أو ميليشيا خاصة تابعة لقادة السلطة الفلسطينية وليست قوة جامعة.
وقال علاء الترتير، الباحث البارز في مركز ستوكهولم للسلام الدولي، إن هؤلاء القادة ومؤيديهم الأميركيين منذ البداية اهتموا بـ”وظيفة وفاعلية قوات الأمن في احتواء أي مواجهة أو رد” على حكم السلطة الفلسطينية، وليس الشرعية العامة.
وأضاف “كل ذلك ليس من أجل أمن الشعب الفلسطيني، وهذا هو الجزء المثير للسخرية؛… لقد تم الإصلاح بهدف تحقيق الاستقرار والتنسيق الأمني ومن أجل الأمن الإسرائيلي أوّلاً”.