قنا24 || صنعاء
قال تقرير حديث إن مستشفيات في صنعاء تعمد إلى رفع أسعار الخدمات الصحية بما يفوق قدرات المرضى وأسرهم، وتقوم باحتجاز المرضى ومصادرة حرياتهم ورهن الممتلكات الخاصة بأسرهم التي توضع كـ”رهونات” وكذلك بيعها دون حكم محكمة، وسط تدهور الأوضاع المعيشية للمواطنين وانقطاع رواتب الموظفين المدنيين.
وجاء في التقرير الذي اطلع عليه “بقش” على منصة خيوط، أن المستشفيات والقطاع الصحي “التجاري” لا يراعي أي اعتبار للوضع الاقتصادي الراهن، ولا يهمه سوى الأرباح التي ستجنيها.
ويتم احتجاز المرضى من قبل المستشفيات بسبب عدم قدرتهم على سداد فاتورة دواء لو عُرضت على لجنة طبية لتبين أنّ 79% منها لم يكن المريض بحاجة إليها، ولكن يتم تحويل المريض إلى زبون بغرض الكسب غير المشروع.
احتجاز المرضى
ويقول التقرير إن هذه القضية لابد أن تخضع للتسويات، مع ضرورة تدخل الجهات الأمنية لمنع حبس أي مريض ومصادرة حريته، مضيفاً أن من الكوارث التي تتسبّب بها المستشفيات الخاصة، تقرير الرقود للمريض في قسم العناية المركزة للحالات التي أصبحت طبيًّا في حكم الموت السريري، ويتم إعلان موت المريض بعد أيام وقد أصبحت فاتورة المستشفى بالملايين، فيكون بالنسبة لأسرة المريض، كما يقال “موت وخراب ديار”، إذ إنّ بعض المستشفيات تحتجز الجثة حتى سداد الفاتورة.
ولا يقتصر الأمر على الكبار فقط، فحتى الأطفال لم يسلموا من “جشع المستشفيات” ويتم احتجازهم في المستشفى كورقة ضغط رابحة على الأسرة، حتى تنصاع لسداد المبالغ التي عليهم، مقابل أتعاب المستشفى.
ويشير التقرير إلى منشور للناشط عبدالعظيم قحطان قال فيه إن طفلًا لا يتجاوز عمره خمس سنوات، تم احتجازه بمفرده لأيام في مستشفى “آزال” بصنعاء، لعدم مقدرة الأب على دفع تكاليف فاتورة العلاج، كون الأب لا يتجاوز دخله اليومي 2500 ريال يمني فقط، ليصرّ المستشفى على احتساب كل يوم تأخير في دفع التكاليف العلاجية أعباء لم تكن بحسبانه، كون طفله تعرض لحادث ولاذ الصادم بالفرار فورًا وجعل الأب يتحمّل كلّ التكاليف والحزن دون رحمة.
واكتفى المستشار القانوني لوزارة حقوق الإنسان بـ حكومة صنعاء، حميد الرفيق، بالقول بأن “هناك إدارة الشكاوى بوزارة الصحة، فإذا لم تنصف المريض عليه الذهاب لدائرة الشكاوى بمكتب رئاسة الجمهورية وسوف تنصفه”.
وبينما تقوم المستشفيات ببيع المرهونات لديها الخاصة بالمرضى وأسرهم، ينقل التقرير عن أنور المشرع، محامٍ، تأكيده على أنه لا يجوز بيع المرهون أو تملّكه، بل يجب أن يتم بيع الرهن عن طريق المحكمة من خلال تقديم دعوى تتضمن بيع “المرهون”، استيفاءً لدين المريض أو الشخص الذي قدّم الرهن للمرفق الطبي، فيصدر بذلك حكم من المحكمة ببيعها وتسليمها للمستشفى.
استغلال ونهب
يحكي التقرير حادثة أم محمد وزوجها ناصر سليم (اسم مستعار) واللذين فقدا ذهب الزوجة المريضة (وزنه 17 جراماً) بعد أن تم رهنه لدى “مستشفى زايد” بصنعاء والذي أجبرهما على رهن الذهب حتى سداد قيمة عملية ولادة عاجلة (مليون ريال) وعلاجات ورقود وحضانة للطفلة المولودة في الشهر الثامن.
قال ناصر لخيوط إن المستشفى احتسب تكاليف العملية والرقود والحضانة بمليوني ريال، فاضطر لبيع قطعة أرض كان يملكها في منطقته الريفية لتسديد مبلغ الفاتورة التي وضعها المستشفى، واسترداد ما كان وضعه من رهن لدى المستشفى.
لكن المستشفى ماطل وتهرب “عندما طالبتهم باسترداد الرهونات، فيوم يخبروني أن مسؤول الحسابات مسافر، ويوم آخر يخبروني أنّهم يحتاجون لمراجعة الإدارة حتى مضى على الأمر فترة، لأتفاجأ بفاتورة من قبلهم تحتوي على كشف حساب يتجاوز 4 ملايين ريال يمني، بحجة إجراء عملية أخرى لزوجتي بجانب الولادة القيصرية، ورسوم تأخير السداد حتى تيقنت أنّ الأمر (مؤامرة) لأخذ الرهن”.
يتابع ناصر: “نصحني أحد الأصدقاء بتقديم شكوى ورفع قضية إلّا أنني تراجعت، فأنا أعلم أنني سأخسر أضعاف المبلغ لأسترد حقي، وبقيت أدعو أنا وزوجتي أن ينتقم الله منهم، كما استغلوا خوفنا وهلعنا ونحن بحاجة للعلاج”.
واقعة أخرى حدثت مع ابنة المريض عبدالله المصروحي (توفّي)، إذ اضطرت لنقل والدها إلى مستشفى “يوني ماكس” وأخبرت المستشفى بصعوبة ظروفهم المادية منذ البداية، فوافقوا وأدخلوه العناية المركزة على أساس أن يتم إخراجه في اليوم التالي إلى مستشفى حكومي، لكن عندما أرادت القيام بنقله إلى مستشفى حكومي تفاجأت بأن عليها تسديد فاتورة بمبلغ 150 ألف ريال، رغم إبلاغها المسبق إدارة المستشفى عن حالتهم المادية الصعبة، إلا أنهم رفضوا إخراج والدها المريض قبل دفع المبلغ كاملًا.
وتُعد ظاهرة الرهن لدى المستشفيات وامتناعها عن استقبال المرضى أو احتجازهم، كارثةً ومخالفة للقانون، والتي غالبًا ما ينجم عنها وفاة المرضى دون مساءلة من جانب الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الصحة.
وتكفل المادة (55) من قانون 1990، حق المواطن في الرعاية الصحية، وتكفل الدولة هذا الحق بإنشاء مختلف المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها، وينظم القانون مهنة الطب والتوسع في الخدمات الصحية المجانية ونشر الوعي الصحي بين المواطنين.
بدوره يقول اتحاد المستشفيات اليمنية الخاصة، إنه لا وجود لحالات احتجاز بالمفهوم القانوني لأي مرضى في المستشفيات الخاصة، بخلاف ما يشاع عنها، فهي لا تمتلك أي مواقع أو أماكن لإبقاء المريض فيها بوضع المحتجز.
ويحمّل الاتحادُ المرضى المسؤولية بقوله إن بعض المرضى وأسرهم يستغلون إثارة مثل هذه الأقوال المخالفة للواقع بغية التملص من دفع المستحقات أو الابتزاز للحصول على تخفيضات كبيرة دون وجه حق، وقد يصل الأمر إلى محاولة الأسر الحصول على مبالغ مالية من تلك المستشفيات وفقًا للاتحاد.
لكن رؤية مغايرة تؤكد أن الاستثمارات في القطاع الصحي والمرافق الطبية غرضها تجاري بحت بدون أي التزامات في تقديم خدمة طبية مناسبة، وهو ما تحدثت عنه نهى العريقي، استشارية طب عام، قائلةً إن أساليب جني الأموال في المستشفيات تطورت ولو بطرق ابتزازية، وتتضمن الاتفاق مع الكادر الطبي لتنفيذ هذه السياسة الاستثمارية التي تتبعها المستشفيات، وإلزام الكادر بطلب أموال مقابل الأدوية والفحوصات التي يجريها المرضى.
المصدر: Boqash